داخل غرفة المستشفى، كانت الصدمة تسود الأجواء حين أعلن الطبيب الخبر المفاجئ: "مبروك... جوليا حامل!".
لم يستوعب محمود أمير الخبر فورًا، ارتسمت على وجهه ملامح مختلطة من الفرح والارتباك، لكن خلف ابتسامته المترددة، كان هناك صراع دفين لا يُروى.
إلى جانبه، كانت نرفت تقف بهدوء، لكن عندما التقطت أذناها كلمات الطبيب، سقط الصمت من على وجهها وتحول إلى صدمة جارحة. نظرت إليه بعيون ممتلئة بالخيانة، ثم غادرت المكان مسرعة، تاركة خلفها أسئلة كثيرة.
لم يتردد محمود، فلحق بها في الممرات الطويلة للمشفى، يناديها بألم، يحاول أن يفهم أو يُفهم.
في الجهة الأخرى من المدينة، كانت مايسون تطارد شقيقتها بهار في المطار، تحاول بكل ما فيها من حب ويأس أن تثنيها عن قرار الهجرة.
"بهار، لا تتركيني، إحنا أخوات!"
لكن بهار، التي كانت قد أغلقت قلبها أمام مشاعر الأخت، لم تعد ترى في مايسون سوى ماضٍ مؤلم تريد نسيانه.
هل ستنجح مايسون في إعادة المياه إلى مجاريها؟ أم أن الطائرة ستأخذ معها آخر خيط بين الشقيقتين؟
وفي لحظة لا تقل ثقلاً، دخل الطبيب إلى غرفة جوليا، وعلى وجهه علامات قلق لم يُخفها. أخبرها بجدّية:
"الجنين في خطر، جوليا... التجلط بسبب الحادث السابق قد يُهدد الحمل."
صُعقت جوليا، وذرفت دموع الخوف والألم، لكن دنيا كانت إلى جانبها، تمسك بيدها وتقول بلطف:
"ارجعي معنا للبيت، نحميك ونحمي الجنين."
وافق محمود على ذلك، وفي أعماقه كان يحاول أن يوازن بين جنونه الداخلي ومسؤولياته المتزايدة.
أما سلطانة، فقد بدأت تشعر بالخوف حين أدركت أن مايسون لم تعد منذ ذهابها للمطار.
توجهت إلى دنيا، وبدأت تهددها:
"إذا صار شي لمايسون، رح تشوفوا وجهي الحقيقي... إنتِ وولادك!"
اشتعلت مشادة عنيفة، وتدخل محمود أمير ليفض النزاع، بين اخته و سلطانة.
في هذا الوقت، كانت مايسون وحدها...
تقف بجانب قبر والدتها، تبكي كطفلة تائهة تحت المطر، ثيابها مبللة، عيناها تائهتان، وكأنها فقدت القدرة على التمييز بين الحياة والموت.
البيت في حالة استنفار. الجميع يبحث عنها، وأخيرًا يقررون اللجوء إلى الشرطة.
لكن والدها، إلياس، يخمن المكان: "ربما في المقبرة...".
وحقًا، يجدونها هناك، منهارة، مغطاة بالوحل والمطر، لا تقوى على الكلام.
يعودون بها إلى البيت، وخالتها تهتم بها، تغسل عنها آثار الألم، وتحاول أن تعيد لها بعض الدفء.
في تلك اللحظات، على شاطئ قبرص، كانت بهار مع أنيس، قد وصلا للتو. البحر أمامهما واسع، لكن الحزن في عيني بهار أوسع.
حاول أنيس أن يُسلّيها، يقترح جولة في الشوارع، ابتسامة منه، وصمت منها. كانت هناك بجسدها فقط، أما فكرها، فكان مع أختها التائهة.
البيت يستدعي الطبيب، يفحص حالة مايسون، ويؤكد أن وضعها النفسي حرج، وتحتاج إلى رعاية دقيقة.
يندلع جدال جديد: من سيرعاها؟
هل هي أمها نرفت التي ابتعدت عنها كثيرًا؟ أم خالتها سلطانة التي كانت دومًا قريبة منها؟
يتدخل محمد أمير ويقول بحسم:
"الأفضل تبقى مايسون معنا في البيت، وتعتني بها خالتها. نرفت، يمكنك البقاء أيضًا إن أردتِ."
في قبرص، يُخبر أنيس بهار أن الفيزا ستكون جاهزة بعد يومين.
لكنها بالكاد تسمعه.
كانت تنظر إلى البحر، قلبها غارق في همّ مايسون... لا شيء آخر يهمها الآن.
هل ستبقى بهار في قبرص؟
هل ستُشفى مايسون من أزمتها النفسية؟
ما مصير الجنين في بطن جوليا؟
وأين ستقود العلاقة بين محمود أمير ونرفت؟
أسئلة كثيرة تتصاعد... والإجابات لا تزال في الطريق...
التعليقات (0)